.. تعلق الروح بالإنسان، بعد مفارقته دار الامتحان، ومصيره دار البرزخ التي سيلقى فيها بداية الإهانة أو الإكرام، على ما قدمه من طاعات أو عصيان، فالبدن وإن فارقه تعلق الروح به في الحياة الدنيوية، في دار البرزخ العلية، فلا يتنفس ولا يقوم بالتصرفات الاختيارية، إنما هو جثة هامدة مرمية، فللروح تعلق به في تلك الحالة العلية لا يعمله إلا رب البرية، وقد تقدم قريباً دلالة النصوص الشرعية على سماع الميت قرع نعال أصحابه الذين دفنوه، عند انصرافهم عن قبره الذي فيه وضعوه، وتقدم أيضاً في هذا الكتاب المبارك أن عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – قال للنبي – صلى الله عليه وسلم – عندما ذكر فتّان القبر: أتُرَدُ علينا عقلونا يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "نعم، بهيئتكم اليوم" فقال عمر – رضي الله تعالى عنه –: بغية الحجر، وكل ذلك لا يتم إلا إذا كان الإنسان ذا شعور وإحساس تام، وللوح تعلق متين ببدن الإنسان لا يعلمه إلا الرحمن الرحيم، وفي المسند بسند حسن عن أمنا عائشة – رضي الله تعالى عنها – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "يرسل على الكافر حيّتان، واحدة من قبل رأسه، وأخرى من قبل رجليه، تقرضانه قرضاً، لكما فرغتا عادتا إلى يوم القيامة"، وفي المسند أيضاً وسنن الدارمي، ومسند أبي يعلى عن أبي سعيد الخدري – رضي الله تعالى عنه – قال – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً تنهشه وتلدغه حتى تقوم الساعة، ولو أن تنيناً منها نفخ في الأرض ما نبتت خطراً (?)