إذاً عباد الله: الأبرار الرجال العقلاء، أهل الكمال، الذين يوحدون الله في بيوته، ويشهدون الصلوات، ومجالس الخير في هذه البيوت، لا تلهيهم البيوع، ولا التجارات، وهذان الوصفان ينبغي أن نقف عندهما، آخذ الوصف الأول؛ ألا وهو وجود بيوعٍ وتجارات واكتساب رزق من قبل المؤمنين الذين يعبدون الله في المساجد، وأما الوصف الثاني، وهو متعلق بعدم الالتهاء من هذا المال، وعدم الانسياق معه في جميع الأحوال، يأتي الكلام عليه -إن شاء الله- في الموعظة الآتية، إن أحيانا الله.
عباد الله: {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ} (?) لهم تجارات، وعندهم بيوعٌ يقومون بها، فهم يعبدون الله، ثم يكدحون في هذه الحياة، وهذه من صفات الكمال فيهم، وقد أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن طلب الرزق -في هذه الحياة عن طريق ما أحل الله- واجبٌ واجبٌ على كل مسلم، فمن فرط في ذلك، وهو مستطيع ثم تعرض لهذا أو ذاك؛ فهو عاصٍ لله جل وعلا معجم الطبراني الأوسط بإسنادٍ حسن من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه: قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: [طلب الحلال فريضة على كل مسلمٍ] طلب الحلال فريضةٌ على كل مسلم، كما أن العلم ينور قلوبنا، نطلب الحلال والقوت؛ من أجل أن نغذيَ أبداننا، لئلا تكون بنا حاجةً إلى أحدٍ من خلق الله، حاجتنا إلى ربنا جل وعلا.