إن أفضل البقاع وأحبَّها إلى الله -جل وعلا-المساجد، فهي بيوته وفيها هداه ونوره، يأوي إليها الموحدون الطيبون، ويجتمع فيها المسلمون المؤمنون، {في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} .
عباد الله: وفي قول الله -جل وعلا- {رجال} دلالتان معتبرتان:
الدِلالة الأولى: هؤلاء الرجال هم العقلاء المهتدون الذين يتصفون بكل خلقٍ كريم، ومن عداهم سفيهٌ سفيهٌ في عداد المجانين.
والدِلالة الثانية: هؤلاء الرجال هم ذكور، فعليهم فرضت الجمعة والجماعة، والنساء لسن كذلك في هذا الحكم.
إخوتي الكرام:
والدلالة الثانية تدارسناها في الموعظة السابقة، وبينتُ أن الله -جل وعلا- أوجب الجمعة والجماعة على الرجال، والنساء لسن كذلك في هذا الحكم. وغاية ما في شأنهنَّ أنه يجوز لهنَّ الحضور إلى بيت الله وصلاتهنَّ في بيتهنَّ خيرٌ لهنَّ، نعم إنَّ حضورهنَّ جائزٌ، لا سيما إذا كان في حضورهنَّ مصلحةٌ في تعلمهنَّ وشهود مواسم الخير والبركة من اجتماع المسلمين وتناصح الأخوات فيما بينهنَّ في الدين.
إخوتي الكرام:
وآخر ما تكلمت به في الموعظة السابقة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- رخص للنساء في حضور المساجد، وأمرنا أن نأذن لهنَّ إذا طلبن الإذن منا، والحديث وارد في المسند، والكتب الستة، باستثناء سنن النسائي من رواية عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: [لا تمنعوا إماء الله بيوت الله] إذا استأذنكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن.