قول الله جل وعلا: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ} يفيد فائدتين، الفائدة الأولى رجالٌ كاملون، الفائدة الثانية ذكور، ولذلك قال أئمتنا خصوا بذلك لأنهم أهل الجماعات، وأهل التجارات، وهذا ما يتناسب مع ما جاء في محكم الآيات {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} وقد بينت أن الرجال هم أهل الجماعات، وبعد أن نتدارس صفة خروج المرأة إلى بيت الله، ننتقل إلى الاعتبار الثاني فالرجال هم أهل التجارات، وأما المرأة فكلما كانت قعيدة في بيتها فهذا أستر لها ولغيرها، ولذلك ذكر أئمتنا في تراجم بعض النساء الصالحات أنها ما خرجت من بيتها إلا ثلاث مرات كما هو في ترجمة المرأة الصالحة فاطمة بنت نصر العطار، التي توفيت سنة 573هـ وقد أدركها الإمام ابن الجوزي، وترجمها في المنتظم في تاريخه في حوادث سنة 573هـ، وترجمها الإمام ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث هذه السنة، والإمام ابن الجوزي شهد جنازتها فيقول: (امتلأت الأسواق والمساجد، عندما شيعت جنازتها أكثر من امتلاء الأسواق والمساجد في يوم العيد بالناس، وشهد جنازتها الصالحون والكبار -رحمها الله ورضي عنها-، يقول الإمام ابن الجوزي: حدثني أخوها أنها لم تخرج من بيتها إلا ثلاث مراتٍ لضرورةٍ) نعم إن المرأة الصالِحة، لا تخرج من بيت أبويها إلا لزوجها مرة، وإلا لأداء الحج والنُّسك في بيت الله الحرام ومسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-مرة ثانية، والخروج الأخير الذي فيه سترٌ لها ولكل مؤمن خروجٍ إلى القبر، نسأل الله أن يسترنا فوق الأرض وأن يسترنا تحت الأرض وأن يسترنا يوم العرض، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
اللهم استر نساءنا، وبناتنا وأخواتنا واستر المسلمات في جميع بقاع الأرض يا رب العالمين.
اللهم صل على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.