(إن العبد ليرائي بعد موته يحب أن يكثُر الخلقُ في جنازته) ، ومن حلم الله بنا ومغفرته لنا، أنه لم يخسف بنا الأرض، ونسأله --جل وعلا-- إذا دفنا فيها ألا يأذن للأرض بأن تلفظنا، ووالله لو أذن للأرض في حال حياتنا فوقها أن تبتلعنا لابتلعتنا، ولو أذن للأرض أن تلفظنا بعد موتنا لتقصيرنا وتفريطنا للفظتنا، وإذا سَتَرَنا فوق الأرض وتحت الأرض فنسأله أن يُتَمَ ستره علينا يوم العرض، إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتي الكرام:
ما من أحدٍ يحب الدنيا إلا ولا يحب الموت، وما من أحدٍ زهد في الدنيا وأعرض عنها إلا أحبَّ لقاء الله، وتمنى الموت وفرح به، ولذلك إخوتي الكرام: إذا اتصف الإنسان بهذا المسلك على وجه التمام، عبد الله، واتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخلص لله أعرض عن هذه الحياة، وتعلق بالحياة الباقية، تعلق بالدار الآخرة إذا -وجد فيه هذا- لا يفر من الموت إذا نزل به، ويموت على عز ويفرح به ولا يبالي إذا جاءه الموت على أي حال -ما دام مطيعاً لذي العزة والجلال-.