وثبت في سنن النسائي بإسنادٍ صحيح أن رجلاً رفع صوته في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه ويحك أتدري أين أنت، ويحك أتدري أين أنت، من جالس الملوك يجالسهم بالأدب فكيف من يجالس ملك الملوك رب العالمين في بيته الكريم، ويحك أتدري أين أنت، فبيوت الله جل وعلا ينبغي أن تصان عن كل لهوٍ ولغوٍ، ثبت في صحيح ابن حبان من رواية أنسٍ رضي الله عنه قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: [سيكون في آخر الزما أقوامٌ حديثهم في مساجدهم ليس لله فيهم حاجة] .
والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان مرسل عن الحسن البصري رحمه الله ورضى عنه قال [سيكون في آخر الزمان أقوامٌ يتحدثون في مساجدهم بأمور دنياهم فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة] وقوله وليس لله فيهم حاجة: أي ليسوا من عباده الأخيار وبرئت منهم ذمة العزيز القهار، ليس لله فيهم حاجة، إذاً بيوت الله جل وعلا ينبغي أن ترفع أمرنا الله برفعها حساً، وينبغي أن ترفع معنىً بكل أمرٍ حسي وبكل أمرٍ معنوي بهذا أمرنا الله جل وعلا عباده {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتيَ للطائفين والعاكفين والركع السجود} ، {وإذ بوئنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئاً وطهر بيتيَ للطائفين والقائمين والركع السجود} فأذن الله جل وعلا برفع هذه البيوت ببناءها ورفعها حسا، بتعظيمها واحترامها بكل أمرٍ حسي، وبكل أمرٍ معنوي، هذا الأمر الأول الذي أمرنا به نحو بيوت ربنا جل وعلا.
وأما الأمر الثاني والثالث: {ويذكر فيه اسمه يسبحه له فيها بالغدو والآصال
رجال} وحال عباد الله الأخيار في بيوت العزيز الغفار يأتي الكلام عليه إن شاء الله في المواعظ الآتية إن أحيانا الله، أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أقول هذا القول وأستغفر الله.