أحب البقاع إلى الله وخير البلدان عند الله المساجد، ولا غرَّ في ذلك ولا عجب فالمساجد هي محل نور الله جل وعلا ومكان هدايته وفيها المهتدون الذين أنعم عليهم وهداهم إلى صراطه المستقيم، وقد ذكر ربنا العزيز الغفور في سورة النور بعد آية النور مكان وجود النور فقال جل وعلا: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكبٌ دريٌ يوقد من شجرة مباركة زيتونةٍ لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم * في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} .
الله نور السماوات والأرض أين يطلب ذلك النور وأين يوجد وفي أي مكان نحصل، ومن يهتدي به ومن يتنور به؟ في بيوت أذن الله أن ترفع ... فإذا أرت أن نور الله فذهب إلى بيوت الله فهي مكان نوره وهي موضع هداه، وإذا أرت أن تتعرف على عباد الله المهدين الذين هداهم الله إلى صراطه المستقيم فبحث عنهم في بيوت رب العالمين، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال، فذكر الله بعد آية النور المكان الذي يوجد فيه نوره وهداه وذكر المهتدين مبيناً أعمالهم القلبية والقالبية، السرية والجلية كما سيأتينا في تفسير الآيات الكريمة إن شاء الله.
عباد الله: كيف لا تكون المساجد أحب البقاع إلى الله وخير البلدان عند الله وهي موضع نوره ومكان هداه، وفيها يجتمع عباده الذين رضي الله عنهم وهداهم إلى صراطه المستقيم، هذه المساجد وصفها الله جل وعلا بثلاثة أمور في آية النور ووصف بعد ذلك الذين هم فيها بصفات جليلة عظيمة.