".
قال عبد الرحيم – غفر الله له ذنوبه أجمعين – تأمل أيها الأخ الكريم، هذا الأمر العظيم الذي تعجز عن الإحاطة بكنهه عقول الخلق أجمعين، وهو مشاهد لهم في كل آن وحين، فالطيب سائر إلى مثله الصالح النفيس، والخبيث منجذب إلى شكله الخسيس التعيس، كانجذاب الحديد إلى المغناطيس، فطوبى ثم طوبى لمن سكن في قلبه حب الرحمن، وتعلق فؤاده بخير الأنام – نبينا محمد عليه الصلاة والسلام – ومال إلى أهل الإيمان، وإن فلت منه شيء من العصيان في بعض الأزمان، حسب القصور الموجود في بني الإنسان، والويل والثبور، لمن ركن إلى الشيطان الغرور، وأحب أهل الزيغ والفجور، وإن كانت الجوارح الظاهرة مشتغلة بالعمل المبرر، ولذلك كان من أعظم البشائر والسرور، عند أهل النهى والعقول، حديث نبينا – صلى الله عليه وسلم –: "المرء مع من أحب" ففي الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – أن رجلا ً سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الساعة، فقال متى الساعة؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "وما أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: وأنت مع من أحببت"، قال أنس – رضي الله تعالى عنه – فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "أنت مع من أحببت" قال أنس – رضي الله تعالى عنه –: "فأنا أحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وأبا بكر وعمر – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم، وفي رواية في البخاري بعد قول النبي – صلى الله عليه وسلم – للأعرابي: "إنك مع من أحببت" فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم ففرحنا فرحاً شديداً (?) .