وتقدم معنا في الموعظة السابقة، موقف الشيطان نحو أقسام قلوب بني الإنسان، فالشيطان لا يقترب من القلب الحي الطيب وليس له عليه سبيل ولا يقترب أيضاً من صاحب القلب الميت السقيم للإلا يضيع وقته فيه، فحال صاحب ذلك القلب كما قلت كحال الشيطان الرجيم، إنما مجال الشيطان في القلب المريض الذي لم يفقد تمام الحياة ولم تكتمل فيه الحياة، فهو يكر على ذلك القلب عندما يغفل الإنسان عن الرد وهو يفر عندما يذكر الإنسان ربه.
إخوتي الكرام:
وحال الشيطان الجني مع هذه القلوب الثلاثة كحال اللص الإنسي مع البيوت الموجودة في الأرض تماماً، فاللص من بني الإنسان تنقسم أمامه بيوت بني الناس إلى ثلاثة أقسام:
? بيت لا يستطيع أن يقربه مع أن له فيه مطمع والنفس تتطلع ما فيه من زينة الدنيا لكن إذا اقترب منه صرع وقتل وهذا هو بيت الأمراء فيه خيرات الدنيا شيء كثير لكن تلك البيوت قد حرست بالحرس فلا يستطيع اللص أن يقترب منها لما فيها من أهبة واستعداد، وهكذا العدو الجني الشيطان الرجيم لا يقترب من قلوب النبيين والصدقين.
? وهناك بيوت ثانية لا يقترب منها اللص الإنسي، لا لأنها فيها أهبة واستعداد وفيها مطمع، لكن لا يستطيع أن يصل إليه، لا ثم لا، ليس فيها أهبة واستعداد وهي مخلات لكل داخلٍ وخارجٍ لكم ليس فيها ما تتطلع إليه النفس في هذه الحياة وهي الخروب والبيوت المتهدمة الساقطة على عروشها التي تحولت إلى خرب ويقضي الناس فيها حوائجهم فحتماً لا يذهب اللص إليها ولا يقترب منها، وماذا يفعل فيها ولم يبقى فيها شيء وهكذا قلوب عتاد الإنس لا يقربها الشيطان الرجيم لما فيها من دنسٍ وفسادٍ وخبثٍ كحال قلب الشيطان الرجيم.