على كل حال الإمام الليث بن سعد الذى له شأن عظيم رضى الله عنه كنت أسمع بأبى حنيفة هذا فى مصر وذاك فى الكوفة فاشتهيت ان أراه واتحقق من جودة ذهنه ويعنى حسن نظره رضى الله عنه وأرضاه قال فبينا أنا فى مكة رأيت الناس قد اجتمعوا على إنسان يسألونه وقالوا هذا أبو حنيفة يقول نِعْم غنيمة يعنى فى النسك رأيت أبا حنيفة فى هذه الحجة قال فاقتربت منه وهو لا يعرفنى لأسمع ماذا سيسأل وبأى شىء سيجيب فانبرى له سائل
وقال يا أبا حنيفة غننى من الأغنياء الأثرياء وعندى ابن أتعبنى إذا زوجته وتكلفت المهر وخسرت يطلق فيذهب المهر وإذا سريته اشتريت له أمة يتسرى بها يعتقها يجلس معها ليلية ويعتقها طيب ما الحل ما تستقر معه زوجة هذه يطلقها يذهب المهر وتلك يعتقها يذهب ثمنها فماذا ترى من حل شرعى لهذه القضية قال خذه واذهب به إلى سوق الإماء سوق النخاسين فأى أمة أعجبته اشترها لك ثم زوجه إياها فإن طلق تعود إليك وإن أعتق لا يصح عتقه لأنها مملوكة لك انتهى ما تخسر الآن ولا ريالا وهكذا أراد أخرى أيضا زوجه المسألة سهلة والملك لا يعود إليك قال الليث بن سعد رضى الله عنه وأرضاه يعنى أُعجبت بسرعة جوابه أكثر من إعجابى بجوابه حقيقة هذا هو الذى يستحضر الفقه أمام عينيه ويجيب بجواب محكم لا خلل فيه فى شريعة الله عز وجل حقيقة هذا فقه هذا حسن نظر أما أنه يترك الحديث ويعمل رأيه
أجمع الحنفية على أن ضعيف الحديث يقدم على القياس فكيف سيعمل بعد ذلك القياس عند وجود الأحاديث الصحيحة كما سيأتينا فى طريقته فى الفقه والاستنباط رضى الله عنه وأرضاه
إخوتى الكرام كما قلت حقيقة حب هذا الإمام من الإسلام قال الإمام الصالح أبو معاوية الضرير وهو محمد بن خازن توفى سنة خمس وتسعين ومائة حديثه فى الكتب الستة وهو الذى دعاه هارون الرشيد إلى بيته وكان أعمى رضى الله عنه وأرضاه وبعد أن طعم صب هارون الرشيد على يديه ليغسله
قال أتدرى من يصب عليك الماء