".
ومن المعلوم لكل ذي حِجا أن تلك الحيات والعقارب تشارك حيات الدنيا وعقاربها في الاسم، وتماثلها في المسمى وهي مع ذلك تختلف عنها في الكيفية والماهية، فحجم حيات الآخرة وعقاربها يختلف عن حجم حيات الدنيا وعقاربها، وهكذا تختلف عنها أيضاً في مقدار سمها وشدة ضررها، كما تختلف عنها في ماهيتها وحقيقتها، فهي تؤذي أهل النار بسمها، ولا تتأذى هي بحرها، فلا وجود لذلك التماثل والاتفاق إلا في حالة الإطلاق، وعند التقييد والتخصيص ينفرد كل منهما عن الآخر بما يناسبه من معنى، ويتميز عنه بذلك وإذا كان هذا ثابتاً بين المخلوقات فثبوته أشد وأعظم فيما بين الخالق والمخلوقات، وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، كما قال ربنا في سورة الروم 27 وفي سورة النحل 60: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .