.. وأما التشابه الذي يعمه فهو ضد الاختلاف المنفي عنه في قوله – جل وعلا –: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82 فالتشابه هنا هو تماثل الكلام وتناسبه بحيث يصدق من بعضه بعضاً، فإذا أمر بأمر لم يأمر بنقيضه في موضع آخر، بل يأمر به، أو بنظيره، أو بملزوماته، وإذا نهى عن شيءٍ لم يأمر به في موضع آخر بل ينهي عنه، أو عن نظيره (?) ، بثبوت شيءٍ أو ينفي لوازمه، بخلاف القول المختلف الذي ينقض بعضه بعضاً، فيثبت الشيء تارة، وينفيه أخرى، أو يأمر به وينهي عنه في وقت واحد، ويفرق بين المتماثلين، فيمدح أحدهما ويذم الآخر، فالأقوال المختلفة هنا: هي المتضادة والمتشابهة هي المتوافقة، وهذا التشابه يكون في المعاني، وإن اختلفت الألفاظ، فإذا كانت المعاني يوافق بعضها بعضاً، ويعضد بعضها بعضهاً، ويناسب بعضها بعضاً، ويشهد بعضها لبعض، ويقتضي بعضها بعضاً كان الكلام متشابهاً، بخلاف الكلام الذي يضاد بعضه بعضاً.
... فهذا التشابه العام لا ينفي الإحكام العام، بل هو مصدق له، فإن الكلام المحكم المتقن يصدق بعضه بعضاً، ولا يناقض بعضه بعضاً 10هـ (?) .