ب) المحكم ما احتمل وجهاً واحداً فقط، والمتشابه ما احتمل أوجهاً، فقول الله – جل وعلا –: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} محمد19 محكم، وقوله – تبارك وتعالى –: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9 متشابه لأن لفظ "إنا" و "نحن" يتكلم بهما الواحد الذي له شركاء في الفعل، ويتكلم بهما الواحد العظيم الذي له صفات تقوم كل صفة مقام واحد، وله أعوان تابعون لأمره، لا شركاء له، فإذا تمسك النصراني بذنيك اللفظين على تعدد الآلهة، كان المحكم الآية المتقدمة: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} محمد19ونحوها كقوله – جل وعلا –: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} البقرة163 فهو لا يحتمل إلا معنى واحداً يزيل ما في لفظي "إنا" و "نحن" من الاشتباه، ويبين أن ذكر صيغة الجمع فيهما للدلالة على ما يستحقه من العظمة والكبرياء، وما له من الصفات والأسماء، وطاعة الملائكة، وانقياد المخلوقات، قال الإمام ابن تيمية – عليه رحمة رب البرية –: التشابه الخاص هو مشابهة الشيء لغيره من وجه، مع مخالفته له من وجه آخر، بحيث يشتبه على بعض الناس أنه هو، أو هو مثله، وليس كذلك، والإحكام هو الفصل بينهما، بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر، وهذا التشابه إنما يكون بقدر مشترك بين الشيئين مع وجود الفاصل بينهما، ثم من الناس لا يهتدي للفصل بينهما فيكون مشتبهاً عليه، ومنهم من يهتدي إلى ذلك، فالتشابه الذي لا يتميز معه قد يكون من الأمور النسبية الإضافية، بحيث يشتبه على بعض الناس دون البعض، ومثل هذا يعرف منه أهل العلم ما يزيل عنهم هذا الاشتباه، كما إذا اشتبه على بعض الناس ما وعدوا به في الآخرة بما يشهدونه في الدنيا فظن أنه مثله، فعلم العلماء أنه ليس مثله، وإن كان مشبهاً له من بعض الوجوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015