كثيرا فهو السحت فقلت يا ابا عبد الرحمن ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم قال ذاك كفر فاما إذا كان ولي الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه فلا ينبغي إعانة واحد منهما إذ كل منهما ظالم كلص سرق من لص وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية روئاسة ولا يحل للرجل ان يكون عونا على ظلم فإن التعاون نوعان الأول تعاون على البر والتقوى من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين فهذا مما امر الله به ورسوله ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان او على الكفاية متوهما أنه متورع وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وإمساك والثاني تعاون على الإثم والعدوان كالاعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه الله ورسوله نعم إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها ككثير من الأموال السلطانية فالاعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك من الإعانة على البر.
السياسة الشرعية ج: 1 ص: 68