هذا القول الأول: أن أسماء الإشارة تتعاقب ويحل بعضها محل بعض وينوب بعضها عن بعض، لكن هذا القول كما ترون مع سلامته وظهور الأدلة عليه يبقى فى نفسى نحوه شىء فهو كما يقال جاف جاف ماسخ ماسخ، وماعندنا شك فى أن صيغة إسم الإشارة التى للبعيد يعبر بها عن الحاضر القريب المشاهد المحسوس، لكن نقول هل من ذلك نكتة لما عبر عن الأمر القريب بإسم إشارة وضع للبعيد؟ نحن معكم فى هذا، وهذا وارد فى كلام الله جل وعلا ولغة العرب بكثرة.، لكن ما الحكمة وما النكتة وماالسبب وما العلة فى هذا التعبير؟ حقيقة القول الثانى الذى قال به كثير ممن أئمة اللغة العربية وإرتضاه جمهور المفسرين هو أظهر وأقوى من القول الأول، الذى ذكره الإمام السكاك فى (مفتاح العلوم) توفى سنة 626 عليه رحمه الله، يقول: {تلك أيات الكتاب الحكيم} تلك بمعنى هذه، لكن أشير بإسم الإشارة الذى هو للبعيد الى حاضر قريب تنزيلاً للبعد الرتبى منزلة البعد الحقيقى.
وحقيقة هذا القول تطرب له الآذان وتبتهج به النفوس وتنشرح القلوب لقبوله.، يقول: هذه الآيات آيات جليلة سخيمة لها شأن عظيم، فإذا رتبتها ليست هى من حيث تلاوتها من حيث رسمها بعيدة أو قريبة، لا، من حيث منزلتها من حيث رتبتها منحيث مكانتها من حيث رفعة قدرها، هل منزلتها قريبة سهلة أم عالية عالية عالية؟ فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر الخلق، وهذا الكلام يعلو ولا يعلى، ويحكم ما دونه، أعلاه مثمر وأسفله مغدق، وما هو من كلام البشر...... إذا كان الأمر كذلك فنحن عندنا البعد ينقسم الى قسمين.. بعد حسى: يشار إليه بإسم الإشارة الذى هو للبعيد، تلك.