وهنا عندنا خبر الترمذى والمستدرك والمسند عن ابن عباس رضي الله عنهما يقرر القول بمكيتها فهى مكية وخبر ابن مسعود لا نلغيه إنما نقول مكى ومدنى أى تكرر نزولها نزلت جوابا للمشركين عندما طلبوا من اليهود عليهم جميعا لعائن الله شيئا يسئلون عنه النبى عليه الصلاة والسلام ثم لما هاجر النبى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة جاء اليهود ليمتحنوه بأنفسهم فقالوا حدثنا عن الروح فنزلت الآية المتقدمة فإذا قيل لما لم يجب النبى عليه الصلاة والسلام اليهود بما نزل عليه بمكة ولما انتظر وأطرق كأنه يوحى إليه ثم رفع رأسه وتلا الآية سنقول لعله انتظر زيادة بيان وإيضاح لأن الآية التى نزلت عليها فى مكة ليس بها بيان لماهية الروح ولا لشىء من أحوالها إنما فيها إحالة العلم بها إلى الذى خلقها قل الروح من أمر ربى وما أوتيت من العلم إلا قليلا فإذا كان الأمر كذلك فأنتظر زيادة بيان وإيضاح فنزل عليه جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه بما نزل عليه فى مكة {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فهى مكية مدنية ولا مانع أن يتكرر نزول آية فهى مكية مدنية لعظم شأنها وحقيقة آية الروح تنادى بين ظهرانى العباد فى كل وقت بعجزهم وبقدرة الله جل وعلا عليهم وقهره لهم فى جميع أحوالهم ولا يمكن للعباد أن يطلعوا على سر الروح وعلى حقيقتها قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.