أولها: لو لم نقل بجواز تفسير القرآن بالرأى للزم تعطيل كثير من الآيات عن معانيها فليست جميع آيات القرآن نقل فيها تفسير عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة وعن التابعين فنحن إذن أمام آيات إما أن نفسرها على حسب لسان العرب الذى نزل القرآن بلغتهم بلسان عربى مبين {قرآنا عربيا غير ذى عوج} وذلك التفسير كما قلنا يتوافق مع نصوص الشرع فيدل عليه السياق ويشهد له السباق واللحاق فإن لم نقل بجواز ذلك ستبقى تلك الآيات مهملة بلا فهم وبلا معنى نعلمه منها وكلام الله جل وعلا يتنزه عن ذلك كثيرا من آيات القرآن لا يوجد لها تفسير فى القرآن ولا فى السنة ولا عن الصحابة ولا عن التابعين.
وتقدم معنا أن أقوال التابعين التى ليس لها حكم الرفع أقوالهم كغيرهم وليس إذن أقوالهم حجة على من بعدهم وأقوال الصحابة النفس تميل لقبول أقوالهم للاعتبارات التى ذكرناها فإذن ليست جميع آيات القرآن فيها تفسير عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة وإذا كان الأمر كذلك فماذا نفعل ببقية الآيات التى لم تفسر والقرآن نزل بلغة العرب ونحن نعلم معانى هذه الآيات من كلام لغة العرب.
فمثلا قول الله: {تبت يدا أبى لهب} لا يحتاج إلى أن تنقل أثرا فى بيان معنى التبات تبت هلكت وخسرت وشقيت ,إن قيل كيف فسرت هذه نقول هذا بلسان العرب وبلغتهم تفسير بالرأى هل هذا مذموم؟ لا ثم لا وتفسير القرآن بالرأى وافق قواعد اللغة ونصوص الشرع وشهد له السياق فدل عليه السباق كما قلنا واللحاق وعليه فهذا تفسير بالرأى المحمود الجائز المبرور وعلماء الأمة الإسلامية اتفقوا على جوازه.
إذن العقل يحتم القول بجواز تفسير القرآن بالرأى بهذه الصفات لأننا لو لم نلجأ إلى تفسير القرآن بالرأى بهذه الصفات للزم تعطيل كثير من الآيات عن معانيها وكلام الله جل وعلا يتنزه عن ذلك.