جـ: إنسان يقر بقلبه أنه مقهور مجبور فقير لخالق جليل فهذه شهادة وإن نفاها بلسانه، وإذا جحد بلسانه، فشهادة القلب ثابتة، ولهذا أمثلة:
1- كقوله تعالى في سورة التوبة (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) أي مقرين على أنفسهم بالكفر بحالهم، فلا يشترط أن يقول الكافر: أنا كافر، بل حاله يدل على أنه كافر.
2- كقوله تعالى (أنه على ذلك لشهيد) فعلى أن الضمير في (أنه) يعود على الإنسان فالتقدير: أن الإنسان لشهيد على كنوده وجحوده كيف هذا الشهود؟ بأنه مغمور بنعم الله فلا يشكر الله وهذا جحود ولا يشترط أن يقول عن نفسه: أنا جاحد، فإذن هذه شهادة من الإنسان على نفسه بالحال لا بالمقال. وهو محل الشاهد.
... وعلى أن الضمير في (أنه) يعود على الله سبحانه وتعالى فالتقدير وأن الله لشهيد على كنود الإنسان وجحوده ولا تخفى عليه خافية. وكلا المعنيين والتقديرين ثابت. فالإنسان يشهد على جحوده بحاله والله يشهد عليه بعلمه فلا تخفى عليه خافية من أمور العباد
3- وكقوله هنا معنا في الآية (أشهدهم) أي بحالهم على أن الآية تشمل ميثاق الفطرة فقط، أي ركز هذا في فطرهم وعلموه وثبت عندهم بعد أن خلقهم وجعلهم خلائف في الأرض جيلاً بعد جيل.
إذن هذا هو المعنى على أنه ميثاق الفطرة فقط وعلى أنه ميثاق عالم الذر تشمل الآية أيضاً فالمعنى مسح ظهر آدم وأخرج من صلبه كل نسمة كائنة إلى يوم القيامة ثم كلمهم قبلاً، فهنا – ميثاق الفطرة – أشهدهم على أنفسهم بما ركزه في فطرهم وهناك أشهدهم على أنفسهم وكلمهم مقابلة بلا حاجز ولا واسطة هنا جعل هذا في فطرهم أنهم يقررون بربهم، وهناك قالوا بلى بلسانهم وهنا قالوا بلى بحالهم وهذا هو معنى الآية على القولين وكل منهما تشمله الآية، وهذا هو المعتمد في تفسيرها.