.. إخوتي الكرام ... والمراد بالفطرة في الحديث دين الإسلام والحنيفية السمحة، وقد قرر الإمام ابن تيمية عليه رحمات رب البرية في كتابه (درء تعارض العقل والنقل) ويسمى (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) في مائتي صفحة متتابعة بأن المراد من الفطرة هي الإسلام، فانظروا بحثه المحكم الرشيد فيه (8/370) وما بعدها، والحافظ ابن حجر عليه رحمة الله في فتح الباري (3/248) نقل عن عامة السلف أن المراد من الفطرة الإسلام، والإمام ابن القيم عليه رحمة الله ختم كتابه (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والتعليل) بهذه المسألة، فانظروا الكتاب من صـ283 إلى آخر الكتاب صـ307 وهذا الكتاب (شفاء العليل) هو أحسن ما كتب في قدر الله جل وعلا.
ب- وأشار نبينا عليه الصلاة والسلام إلى هذه الفطرة المستقيمة أيضاً في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: [ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال (?) نحلته عبداً حلالاً، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم (?) عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل سلطاناً، وإن الله عز وجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء....] إلخ الحديث، ومعنى حنفاء أي مائلين عن الشرك إلى الهدى مستقيمين مهتدين على الفطرة.