وقد حاول الإمام ابن كثير أن يحكم على هذا الأثر بالوقف لأن الرواة اختلفوا فيه فمنهم من رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من وقفه على ابن عباس وهي محاولة غير مرضية لأن مثل هذا لا يقدح في المرفوع فمن حفظ حجة على من لم يحفظ، وزيادة الثقة مقبولة، فإذا رفع راوٍ ثقة الحديث، ووقفه راوٍ آخر فيحكم بالزيادة وبرفع الحديث؛ لأن معه زيادة علم، فلعل ذاك شك فوقف الحديث على ابن عباس، وهذا تأكد وتحقق بأنه مرفوع وأنه سمعه من شيوخه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فصرح برفعه.
على أننا لو سلمنا أن هذا الأثر موقوف فله حكم الرفع قطعاً وجزماً لأن مثله لا يقال من قبل الرأي ولا الاجتهاد ولا الاستنباط.
الثاني: رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (9/77) عند تفسير هذه الآية – التي تقدم ذكرها – من سورة الأعراف – عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [أُخذوا من ظهره كما يؤخذ بالشطر من الرأس، فقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، فقالت الملائكة (?) : (شهدنا أن تقولوا ... ) الآية] .
... قال الإمام ابن جرير بعد أن روى هذا الأثر: لا أعلمه صحيحاً، فإن الثقات رووه عن سفيان الثوري فوقفوه على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه. ويعني بقوله: لا أعلمه صحيحاً أي لا أعلمه صحيحاً مرفوعاً، إنما أعلمه أنه موقوف على عبد الله بن عمرو.
نقول: لو ثبت الوقف فله حكم الرفع، والرواية المتقدمة ورد التصريح بأنها مرفوعة وهي صحيحة. فهذان هما الحديثان المرفوعان.
وأما الأثر الموقوف: