التعليق على الطحاوية
(مبحث الميثاق)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
مبحث الميثاق
يقول الإمام الطحاوي عليه رحمات ربنا الباري:
"والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق".
إخوتي الكرام ... الميثاق معناه في اللغة: العهد المؤكد، والوثاق هو حبل أو قيد يشد ويربط به الأسير أو الدابة، يقول الله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) ، ما معنى الوثاق؟ حبل وقيد، فما يقيد به يسمى وثاق لأن فيه أحكاماً وربطاً وهكذا الميثاق عهد مؤكد، لكن العهد معنوي إن أكدته بيمين أو بالتزام وتصميم يقال له ميثاق كما أن ذاك إذا قيدته بالحبل يقال له أحكمت وثاقه وجعلته في ميثاق محكم لكنه ميثاق حسي.
إنما أصل الميثاق – كما قلت – عهد مؤكد ولذلك قال الله جل وعلا في سورة النساء (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) الميثاق هنا عهد مؤكد، وقوله، (غليظاً) أي ميثاقاً مؤكداً كثيراً وكثيراً، إذن التأكيد فيه كثير ولذلك [إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج] كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، والحديث في صحيح مسلم، فالميثاق الغليظ هذا هو عقد النكاح عندما يتم إيجاب وقبول، هذا ميثاق غليظ فهو عهد مؤكد أمرنا الله أن نرعى هذا العهد وأمرنا ولي المرأة أن نرعى هذا العهد وأن نتقي الله في عرضه وهكذا المرأة جاءت إلى الرجل لتكون في كنفه ورعايته وأعطاها عهداً بذلك عن طريق العهد فإذن هذه ميثاق غليظ وعهد مؤكد بمزيد التأكيد.
فالمراد بالميثاق إخوتي الكرام ... أقام الله جل وعلا ميثاقه على عباده وحججه عليهم بأمور كثيرة، كثرتها تنضبط في ثلاثة أمور:
أولها: وهو أولاها بالاعتبار – إرسال الرسل.