جاء رجل من البادية وكان قد زاد عمره على (160) سنة إلى معاوية رضي الله عنه فسأله معاوية عن عمره وعما رآه في حياته فقال الأعرابي: سنوات مختلفة خصب وجدب يولد مولود ويموت موجود، لولا الموت لضاقت الدنيا بمن فيها ولولا الولادة لهلك أهل الأرض، فقال معاوية سل حاجتك، فقال: لا حاجة لي إليك، فقال: لابد، قال، إن كان ولابد فأريد أن ترد إليّ ما مضى من عمري، فقال: لا أملك ذلك أيها الرجل، قال: ادفع عني أجلي إذا حضرني، فقال: لا أملك ذلك، فقال الأعرابي: فكيف أسألك وأنت لا تملك شيئاً.
ولذلك السؤال لغير الله ذل، ولذلك إذا احتاج الإنسان إلى طعام بحيث إذا لم يأكل مات يباح له السؤال لكن الأولى أن يصبر حتى يموت جوعاً وسؤال المخلوقين فيه:
1) ظلم لله واعتداد على حقه والله يحب أن يُسأل والسؤال نوع من العبادة، فلما صرفت السؤال منه إلى غيره فهذا فيه اعتداء وظلم.
2) ظلم للمسئول لأن المخلوق أبغض الخلق إليه من يسأله وأحب الخلق إليه من لم يسأله والأمر مع الله على العكس أحب الخلق إلى الله من يسأله وأبغضهم من لم يسأله [ومن لم يسأل الله غضب عليه] كما ورد في الحديث.
3) فيه ظلم لك لأنك امتهنت نفسك وأذللتها عندما تذللت لمخلوق مثلك.
فالأولى أن تصبر وأن تموت جوعاً وأن لا تقول أعطني رغيفاً من خبز، أو حفنة من تمر وحقيقة هذه هي عزة المؤمن.