3) ظهور آثار أسماء الله المتضمنة لعفوه ومغفرته ورحمته ولطفه بعباده فهو تواب رحيم، حليم غفور ستّير، فهذه كلها لا يمكن أن تظهر إلا إذا وقع شر وفساد ومسبب هذا المخلق وإبليس.

فإذا وقعت معصية بواسطة تزيين هذا الشيطان للإنسان ثم يتوب هذا الإنسان لربه جل وعلا فإنه تظهر آثار أسماء الله الحسنى – كما قلنا – المتضمنة لعفوه ومغفرته، وكذلك لو أن هذا العاصي لم يتب بل استمر على معصيته فالله سبحانه وتعالى أمهله وأمد له في حياته ورزقه وأسبغ عليه فضله فهذا من ظهور آثار اسم الله الحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة فهو حليم غفور رحيم.

... فهذه كلها لابد من ظهور آثارها كما أنه منتقم شديد العقاب، فإذا عاقب ظهرت آثار تلك الأسماء وإذا أمهل وأخر – وهو سبحانه يمهل ولا يهمل ولا يفوته شيء – ظهرت آثار اسم الله الحليم، وإذا عفى وتجاوز ظهرت آثار اسم الله الرحيم العفو.

لذلك ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري، وأبي هريرة ... رضي الله عنهم أجمعين والحديث رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء يقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم] فهل هذا لأن الله يحب الذنب؟ لا، بل هو يكره ويغضب على فاعله، لكنه يحب التوبة، وإذا لم تتب فالله يحب أن يتجاوز عن عباده وأن يعفو عنهم، فإذا لم تقع ذنوب فلن تكون هناك توبة والله يحب التوابين ولن يكون هناك آثار اسم الله الحليم العفو وبهذا تتعطل صفات الله سبحانه وتعالى وليس في تعطيلها كمال له جل وعلا.

... ولذلك عندما يتوب الإنسان لا يناجي الله بقوله يا منتقم تب علي، بل يناجيه بقوله يا رحيم تب علي فينادي ربه بالأسماء التي تتضمن الرحمة والمغفرة والعطف والحنان والحلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015