(أمرنا مترفيها) اختلف أئمتنا الكرام في الأمر هنا على قولين: فقيل: أنه من الأمر الذي هو ضد النهي وقيل: أنه من الأمر الذي هو بمعنى التكثير وعلى القول الأول – الأمر الذي هو ضد النهي – فيحتمل معنيين أيضاً:
الأول: أي أمرنا مترفيها بالفسق ففسقوا وعليه فالآن هنا أمر كوني قدري، كما قال الله تعالى: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازيّنت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً ... ) أي الأمر الكوني القدري، بمعنى شئنا لهم ذلك وقدرناه عليهم لما نعلمه من حكمة فيهم.
الثاني: قيل يوجد في الآية شيء محذوف والتقدير: أمرناهم بالطاعة فعصوا وفسقوا عن شرع الله وعليه فالأمر هنا ديني شرعي.
... والمعنيان تحتملهما الآية وكل منهما مقرر في كتب التفسير، وهو قول حق مقبول، وانظروا هذا في تفسير ابن كثير وغيره.
وعلى القول الثاني – أي بمعنى التكثير – فمعنى كثّرنا، يقال: أَمِرَ كذا بمعنى كثّر، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم – والحديث في المسند ومعجم الطبراني بسند رجاله ثقات كما قال الهيثمي: [خير مال المرء مُهْرة مأمورة أو سكة مأبورة] .
... فمعنى مأمورة هنا كثيرة النتاج والنسل، وهذا حقيقة من خير مال المسلم أن تكون له خيل تنتج الأولاد الذين يُغزى عليهم في سبيل الله ويستعان بهم على أمور الحياة والخيل هي وسيلة الجهاد المفضلة لاسيما عندما كان الجهاد بالسلاح الأبيض لا بالسلاح الأسود، والآن يجلسون في الخنادق ويحاربون، هذه ليست شجاعة، بل الشجاعة هي المواجهة وجهاً لوجه والتبارز.
[أو سكة مأبورة] أي طريق مصطف بالنخل، مأبورة أي مؤبرة ملقحة بوضع طلح الذكر على الأنثى لئلا يسقط الحمل.