وتكون في خصوص ما يحبه الله ويرضاه فقط وقد يوجد مقتضاها وقد يتخلف، وفي الغالب يتخلف مقتضاها ولا ينتج عن تخلف مقتضاها أي إشكال لأن المشيئة الدينية بمعنى الأمر فإذا أمرنا الله بشيء ولم نمتثله ولم نفعله نعاقب وليس في عدم فعلنا إلغاء لأمر الله جل وعلا، وإذا قمنا به أثابنا الله ورضي عنا.
الأدلة من القرآن على هذا القسم من الإرادة:
1- قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، (يريد الله بكم السير) أي يأمركم باليسر، فقد يمتثل أشخاص وقد يخالف أشخاص في ذلك، ولو كانت الإرادة هنا إرادة كونية قدرية لما وقع عسر في هذه الحياة أبداً بل لكان كل شيء يُسْراً، لكن ليست الإرادة كذلك بل هي دينية شرعية قد يوجد مقتضاها وقد يتخلف، فالله يحب اليسر وأمرنا به ويكره العسر وينهانا عنه وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [يسروا ولا يتعسروا، بشروا ولا تنفروا] ، لكن كم من إنسان ينفر ولا يبشر، وكم من إنسان يعسِّر ولا ييسِّر؟!.
2- وقال جل وعلا في سورة المائدة (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم) فالإرادة هنا دينية شرعية يحبها ربنا جل وعلا، ولا يحب الله أن يكون عليكم حرج أو شقة، ولكن يريد أن يطهركم، ولو كانت إرادة كونية لانتفى الحرج في هذه الحياة ولحصلت الطهارة لجميع المخلوقات لكنها إرادة دينية قد يوجد مقتضاها وقد يتخلف وفي الغالب يتخلف فمن يعصي الله في هذه الحياة أكثر ممن يطيعه وأهل النار من كل ألف 999 وواحد من الألف إلى الجنة (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) فهي نسبة كبيرة كثيرة لم يَسْلم من الألف إلا واحد.