التعليق على الطحاوية
(مبحث القدر)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
مبحث القَدر
يقول الإمام الطحاوي عليه رحمات ربنا الباري:
"وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطّلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبيُّ مرسَل والتعمق والنظر في ذلك ذريعة (?) الخِذلان، وسلم الحرمان ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسةً (?) فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى في كتابه: (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون) فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب، كان من الكافرين". أ. هـ.
... هذا المتن للإمام الطحاوي شرحه الإمام ابن أبي العز في عشر صفحات (ط. أحمد شاكر) أو أكثر، وسأضم إليه ما تقدم معكم موجزاً مبحث الإرادة وانقسامها إلى إرادة شرعية وإرادة كونية لتأخذوا هذا المبحث بصورة متكاملة من أطرافه إن شاء الله.
القدر مسألة عظيمة من مسائل شريعتنا القويمة
سنبحث مبحث القدر ضمن ست مباحث.
المبحث الأول
تعريف القدر لغة واصطلاحاً:
القدر لغة: مصدر قَدَرْت الشيء أقدِره – أقدَرُه قَدْراً وقَدَراً ـ إذا أحطت بمقداره.
اصطلاحاً: هو علم الله بمقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم إيجادها حسبما سبق في علم الله جل وعلا، فكل محدَث وكل مخلوق وكل موجود صادر عن علم الله وإرادته وقدرته، هذا الأمر معلوم من الدين بمحكم البراهين، وعليه كان الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان وهو مذهب أهل السنة الكرام.