وكذلك أهل الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة فإن أحدهم توسل بعمل كان ينبغي أن يستحي من ذكره – وهو أنه عزم على الزنا ثم خاف العقوبة فتركه – فليت شعري بماذا يُدلّ من خاف أن يعاقب على شيء فتركه لخوفه العقوبة (?) إنما لو كان مباحاً فتركه كأن فيه ما فيه، ولو فَهِم لشغله خجله من الإدلال، كما قال يوسف: (وما أبرئ نفسي (?)) والآخر ترك صبيانه يتضاغنون إلى الفجر ليسقي أبويه وفي هذا البر أذىً للأطفال (?) ، لكن الفهم عزيز، وكأنهم لما أحسنوا قال لسان الحال أعطوهم ما طلبوا، فإنهم يطلبون أجرة ما عملوا، ولولا عزة الفهم ما تكبر متكبر على جنسه، ولكان كل كامل خائفاً محتقراً لعمله حذراً من التقصير في شكر ما أنعم عليه، وفهم هذا المشروح ينكّس رأس الكبر ويوجب مساكنة الذل، فتأمله، فإنه أصل عظيم" أ. هـ إي والله إنه أصل عظيم، وما رأيت هذا المعنى إلا في صيد الخاطر، وهو أن هؤلاء توسلوا إلى الله بعمل كان ينبغي أن يستحي بعضهم من ذكره، لكن الفهم عزيز، فقضى الله حاجتهم، وهو أرحم الراحمين.

إذن أن يصدر سبب من المتوسل نحو المتوسل به، وهذا هو أحد الفرعين للصورة الثانية.

الفرع الثاني: أن يصدر سبب من المتوسل يقتضي حصول طلبك والتوسل في هذه الحالة أيضاً شرعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015