وإني وإن وعدته أو أوعدته ... لمخلف إيعاد ومنجز موعدي (?)

وقول الآخر:

إذا وعد السراء أنجز وعده ... وإن أوعد الضراء فالعفو مانعه

ولذلك كان أبو عثمان عمرو بن عبيد أعجمي القلب، لأنه لا يفقه عن الله شيئاً فالله إذا هدد العصاة فله ذلك، وكذلك إذا عاقبهم له ذلك، وإذا عفا عنهم له ذلك ولا يقال أخلف إيعاده، بل يقال: ما أكرمه، ما أحلمه، ألم يقل الله (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) فهو حذرنا من مخالفته وعصيانه ولكنه لم يؤاخذنا بكل ما نعمله إذن فهو يؤخرنا ويمهلنا إذن فهو رؤوف رحيم غفور حليم، ووالله لو عاملنا الله بأعمالنا لاستأصلنا من أولنا لآخرنا، وإذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول – والحديث في صحيح ابن حبان وحلية الأولياء بسند صحيح: [لو يؤاخذني الله وابن مريم بما جنت هاتان – وأشار إلى الإبهام والسبابة – لعذبنا ثم لم يظلمنا] هذا يقوله خير خلق الله صلى الله عليه وسلم وهذه الجوارح تستحق شكر أم لا؟!! وأنت لن تستطيع أن تفي بشكر جارحة واحدة فضلاً عن جارحتين، فلو حاسبك الله على الإبهام والسبابة لألقاك في نار جهنم كالعابد الذي في بني إسرائيل عبد الله خمسمائة سنة وما عصاه طرفة عين، وسأل الله أن يقبضه في سجوده وألا تأكل الأرض جسده وأن يبقى ساجداً إلى يوم الدين فأعطاه الله ذلك فإذا كان يوم القيامة يقول الله له: ادخل الجنة برحمتي، فيقول: بل بعملي يا رب، فيقول الله: حاسبوه، فتوضع نعمة البصر في كفة وعبادة خمسمائة سنة في كفة أخرى فلا تكفي عبادته لنعمة البصر، فيقول الله: خذوه إلى النار، فيقول: يا رب أدخلني الجنة برحمتك. وهذه القصة رواها الحاكم في المستدرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015