وهو مع زهده وتنسُّكه ضال، كما قال بن كثير: والزهد لا يدل على صلاح في الإنسان، فعباد الهنود والمتقشفون فيهم عندهم من الزهد والانزواء عن الدنيا والامتناع عن الطعام والشراب ما لا يوجد في كثير من زهاد المسلمين، لكنهم لجهنم حطباً، بل لا بد من أن يكون الزاهد على المسلك الشرعي وإلا فزهده لوحده لا يكفيه، وأبو العلاء المعري كان زاهداً لدرجة أنه لم يتزوج، بل اعتبر الزواج جريمة، وبلغ من إعراضه عن الدنيا أنه يقول إن أعظم المجرمين في حق الأبناء هم الآباء، وأوصى أن يكتب على قبره هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد، لعنة الله على هذا الزهد، ولذلك اتفق أئمة الإسلام على "أن الزهد إنما يكون فيما يلهيك عن الله ويضرك عنده" فهل النكاح فيه ذلك؟!!! بل فيه حسنات لا تستطيع أن تحصلها من كثير من الطاعات، وهل يجب إلى خير البريات عليه صلوات الله وسلامه شيء مؤذٍ وضار، وهو سيد الطيبين وهو الذي يقول: [حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة] .
ولذلك إخوتي الكرام.... لا يقبل الله من العمل إلا ما كان صالحاً ولوجهه خالصاً، ولا يوجد عندنا أن كل واحد يعبد ربه برأيه، ويخترع شريعة ما أنزل الله بها من سلطان ثم نقول زاهد عابد، إن زهده لن يوصله إلا إلى نار جهنم ورضي الله عن عمر عندما كان يرى عباد النصارى في الصوامع فيتلو قول الله تعالى (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة) .