تقدم معنا أن الشفاعة طلب الخير للغير من الغير، وقلنا إن الشفاعة فيها ضم الشفيع صوته إلى المشفوع إليه كما في ضم صوته إلى المشفوع له، والله جل وعلا فرد أحد ليس له شفيع سبحانه وتعالى، فكيف ستحصل الشفاعة عنده؟ هل يعطي أحد رأيه لله كما هو الحال في ملوك الدنيا فهؤلاء تعطيهم رأيك وتضم رأيك إلى رأيهم؟ لا، الشفاعة عند الله تختلف عن سائر المعلوم من أنواع الشفاعات عند المخلوقين قاطبة، فهي شفاعة من نوع خاص لها شروط تميزها عن غيرها، فهذه الشفاعة لا تضم رأيك إلى رأي المشفوع عنده انتبه!! إنما أنت تشفع بعد أن يأذن لك سبحانه وتعالى، وهل هذا هو حال ملوك الدنيا؟ فقد تشفع بما لا يريد وترغمه فينفذ شفاعتك لأنه وإن كان عنده رغبة ورهبة فهو أيضاً يرغب ويرهب ويقول أخشى أن يدبر هذا لي مكيدة أو أن يغتالني إن أنا رددت شفاعته.
فهذه الشروط – التي سنذكرها – لننفي بها ضم الشافع صوته إلى المشفوع عنده وأنه لا أحدٌ يشفع الله فهو وتر سبحانه وتعالى وهو أحدٌ ليس معه نظير ولا أحد يضم قوله إلى قوله.
ولذلك اتفق أهل السنة الكرام على أن الشفاعة لا تحصل عند ذي الجلال والإكرام إلا بشرطين:
الشرط الأول: إذن الله للشافع بحصول الشفاعة منه.
دل على هذا آيات القرآن الكثيرة منها:
? قوله تعالى في آية الكرسي سورة البقرة 255 (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) .
? وقوله تعالى في سورة سبأ آية 23 (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) .
? وقوله تعالى في سورة يونس آية 3 (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) .
الشرط الثاني: رضا الله عن المشفوع له بحصول الشفاعة له من الشافع فإذن أذن للشافع بأن يشفع، وليس هذا إذن مطلقاً، بل يُحِدّ له حداً أو يسمي له جماعة أو فرداً، فيقول اشفع لهذا بدخول الجنة، إذن هذا بتخصيص الله ومشيئته وإرادته.
س: لم أشفع، وقد حَدَّه لي وليس على اختياري مطلقا؟