وأخبرنا بعض شيوخنا الشيخ عبد الرحمن زين العابدين عليه رحمة الله عن قصة جرت لبعض العلماء الصالحين في الزمن القديم، حاصلها أن افتُري على طالب علم فاستدعاه ولي الأمر، فلما جاء إليه أعلم هذا الشيخ الصالح أن طالب العلم الفلاني قد استدعاه ولي الأمر وقد يفتك به – وقد كان للشيخ منزلة عند ولي الأمر ومكانة وكلمة مسموعة – فسارع الشيخ إلى منزل ولي الأمر وكان عنده اجتماع وطال الاجتماع والشيخ لا يزال جالساً وكان محصوراً - يحبس البول – فلما خرجوا دخل على ولي الأمر وكان مشغولاً في الكلام فانفجرت مثانة الشيخ ومات في مجلس الأمير فقال الأمير: ماله، وما الذي طرأ عليه حتى جاءني وقد كان الأصل أن آتي إلى بيته فهذا الشيخ هو شيخ المسلمين في بلدتنا؟ فقالوا: بلغه أن طالب علم ادُعىّ عليه وأحضر إليك فخشي أن تفتك به فجاء ليُعرِّف له وليشفع له , وكان محصوراً وهو رجل كبير لا يمسك هذا، فانفجرت مثانته فمات، فقال الأمير: والله لو علمت لأعطيته حِجْري ليبول فيه، ولجئت إلى بيته لأقبل شفاعته.
فهذه شفاعة واجبة لتوصل الحق إلى صاحبه ولتدفع الظلم عنه.
وأنا أقول لكم من باب شكر أهل الشفاعات والفضل على شفاعاتهم فمن تحدث بالنعمة فقد شكرها ومن كتمها فقد كفرها، وصاحب الشفاعة يعلم الله أنه لا يريد التحدث بها ولما أخبرني بها قلت له جزاك الله خيراً، فقال: وأنت كذلك، ولكنني ما أخبرتك من أجل أن تثني عليّ أو من أجل المنة عليك، إنما أخبرك من باب إخبارك بما يصدر ممن يكيد لك، ولمكانتك عندي، ونسأل الله أن يكفينا شر كل ذي شر.