وقد ثبت في المستدرك وغيره بسند صحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون صفاً منهم من هذه الأمة] ونحن مع ذلك نرجو أن يكون كل صف من هذه الأمة أضعافاً مضاعفة على سائر الصفوف الأخرى، فهي ثلثان في عدد الصفوف لكن نرجو أن تكون في عدد الأفراد أكثر بكثير، ونسبة هذه الأمة في الجنة لا تنقص عن الثلثين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، إنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة] وهذا لفظ مسلم.
فهذا الرجاء حققه الله لخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ومعنى الحديث أن كل نبي أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر، أي البشر يؤمنون بمثل هذه الآيات عندما تظهر وهي خوارق العادات (المعجزات كما أيد الله أنبياءه السابقين بمعجزة، فكل من رأى تلك المعجزة يُؤمن كما هو الحال في نبي الله عيسى عليه السلام يبرأ الأكمة والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، لكن تلك المعجزة مضت وانقضت، فالذين جاؤوا بعد ذلك لم يروها، ولذلك قد يحصل عندهم ارتياب في أمر النبي عليه صلوات الله وسلامه، أما ما يتعلق بهذه الأمة، فمعجزة نبينا عليه الصلاة والسلام هي القرآن، وهذه المعجزة يراها المتأخر كما رآها المتقدم، فأبو بكر رضي الله عنه وآخر فرد في هذه الأمة بالنسبة لرؤية معجزة النبي عليه الصلاة والسلام سواء، فجعل الله معجزة نبينا عليه الصلاة والسلام عين رسالته ودعوته وهي القرآن الكريم الذي أُمِر بتبليغه.
فالحاصل.. أنه قال: [أرجو أن أكون أكثرهم تابعاً] ، وفي حديث سمرة قال: [لأرجو أن أكون أكثرهم وارداً] فحقق الله له هذا الرجاء.