وعرش الرحمن فوق المخلوقات كلها، ولا يوجد فوقه شيء مخلوق لا يوجد إلا الخالق جل وعلا، فالمخلوقات كلها تحت العرش ولذلك يُقال "العالم من عرشه إلى فرشه مخلوق" أو من علوه إلى سفله وهو الأرض السابعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [والله فوق العرش يعلم ما أنتم عليه] ، والعرش هو أكبر المخلوقات تحمله ثمانية من الملائكة، كما أخبرنا الله عن ذلك في كتابه (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وهؤلاء الثمانية يتجاوبون بصوت رقيق رخيم فأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك ويجيبهم الأربعة الآخرون سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، هذا هو تسبيح حملة العرش، وهذا ثبت بإسناد صحيح عن حسان بن عطية وله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى هذا: الله سبحانه وتعالى يعلم ما نعمل، ولولا حلمه لما ترك على الأرض من دابة، وهو قدير على عقوبتنا فلولا عفوه لأهلكنا، وثبت في تفسير ابن جرير أن الله خلق حملة العرش قالوا ربنا لم خلقتنا؟، قال: لتحملوا عرشي، قالوا: ومن يقوى عليه وعليه جلالك ووقارك وأنت رب العالمين؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالوا هذه الكلمة وبها أطاقوا حمل العرش، وقد قال أئمتنا هذه الكلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) لها تأثير عجيب وخاصية مجربة بأن من قالها ذلل الله له الصعاب وفرج عنه الكروب وأعانه على الشدائد ومعنى هذه الكلمة لا تحول من حالٍ إلى حال من معصية إلى طاعة ومن ضعف إلى قوة ومن فقر إلى غنىً ... ولا تحصل قوة إلا بالله جل وعلا.
وأما الكرسي:
... فهو دون العرش أي أنزل منه وأصغر، والعرش أكبر المخلوقات وأولها وهو موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى,