[وأما اللبن فشرب منه نبينا صلى الله عليه وسلم وتضلع] أي حتى صار اللبن – والمقصود باللبن الحليب – في جميع ضلوعه وملأها بحيث ما بقي فيه مسلك، فتضلع كما يسن لنا أن نتضلع من ماء زمزم، أي لا يبقي في أضلاعك وبينها فجوة إلا ودخلها ماء زمزم، وآية ما بين المؤمنين والمنافقين التضلع من ماء زمزم وماء زمزم لما شرب له كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام والحديث بسند حسن وتقدم.

فإذن كما تتضلع من ماء زمزم لأجل البركة، فاللبن تضلع منه نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه غذاء الفطرة، وهو شراب وطعام، وعليه يعيش المولود من بني الإِنسان في صغره فيبقى سنتين يرضع من ثدي أمه هذا ولا يأكل ولا يشرب غيره.

إذن فإذا كنا على فطرتنا السوية فإننا نتزود من اللبن ولذلك أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى أدب ينبغي أن نحافظ عليه إذا شربنا اللبن لنخبر عن استقامة فطرتنا، وإذا أكلنا أو شربنا غيره نقول دعاءً آخر ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [من أطعمه الله طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وارزقنا خيراً منه، ومن أسقاه الله لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وزدنا منه] فلم يقل هنا وارزقنا خيراً منه بل قال وزدنا منه، بينما ذكر في الأول وارزقنا خيراً منه لأن كل طعام هناك ما هو خير منه وأنفع وأطيب ثم قال: [فإني لا أعلم ما يجزيء عن الطعام والشراب إلا اللبن] فلا تقل إذا شربت لبناً وارزقنا خيراً منه.

ولأجل ذلك تضلع النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن، وما بقي بين ضلوعه مسلك لدخول قطرة من شراب، [فقال له جبريل: هديت الفطرة] .

[وأما الخمر فما مد نبينا صلى الله عليه وسلم يده إليه أبدا ولم يشرب منه] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015