والمرة الأولى من هذه الحوادث لشق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام انتزع فيها حظ ُّ الشيطان وأما ما بعدها فكان تهييئاً لقلبه لأن يتلقى ما سيرد عليه من واجبات وتكاليف. فالأولى من باب التخلية وما تبعها من باب التقوية والتحلية.

حادثة شق الصدر أشار إليها ربنا في كتابه في سورة (الانشراح) وتسمى سورة (الشرح) (ألم نشرح لك صدرك) والسورة مكية باتفاق المفسرين، وفيها يشير ربنا إلى الأمر العظيم الذي وقع له في مكة.

والاستفهام في الآية للتقرير، ومعناه: حمل المخاطب على الإقرار بأمر قد استقر عنده وعلمه وثبت لديه – فكأن الله يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام أقد شرحنا لك صدرك أي شققناه شقاً حسياً، وأنت رأيت هذا بعينيك.

وقد أرود الإمام الترمذي في كتاب التفسير عند سورة الانشراح حادثة شق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام في تفسير هذه السورة، ليشير إلى أن المراد بالشرح شق صدره حساً عليه صلوات الله وسلامه.

وهكذا فعل الإمام الحاكم في مستدركه في كتاب التفسير عند تفسير سورة الانشراح فأورد حديث شق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام، وشرح صدر نبينا عليه الصلاة والسلام شامل – في الحقيقة - لأمرين:

أشامل للشرح حساً، وهو ما وقع في هذه المرات الأربع.

ب وشامل للشرح معنىً، وهو تقوية قلبه لتحمل ما سينزل عليه ثم ليقوم بموجبه.

فحصل إذن الشرح الحسي والشرح المعنوي.

قال الإمام ابن كثير في تفسيره: شرح صدره حساًَ لا ينافي شرح صدره معنىً، فحصل الأمران عليه صلوات الله وسلامه.

وثبت في كتاب دلائل النبوة للبيهقي – لا لأبي نُعيم- (1/352) عن قتادة قال (ألم نشرح لك صدرك) المراد من ذلك الشق الحسي الذي حصل لنبينا عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015