إذن فتلا عليه هذه الآيات ولما قال: (ما كان الله أن يتخذ ولد) نخر البطارقة، ولما قال عيسي في السورة (قال: إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا، وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) فقال النجاشي: وإن نخرتم؟ وبكي حتى اخضلت لحيته من دموع عينيه ثم أخذ عودة صغيرة من أرض وقال والله ما زاد علي وصف عيسي بمقدار هذه، فهذا هو وصف عيسي هو عبد الله ورسوله وليس هو بثالث ثلاثة وليس هو ابن الله جل وعلا، ثم قال لجعفر ولمن معه: أنتم سيوم أنتم سيوم – والسيوم في لغة الحبشة الأحرار أي مثل الغنم السائمة تمشي وترعي أينما تريد، ولذلك الغنم إذا كانت سائمة فيها زكاة وإذا كانت تعلف فليس فيها زكاة – من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، والله ما أحب أن لي دبرا من ذهب، والدبر هو الجبل العظيم الكبير بلغة الحبشة – وأن أحداً منكم يؤذي هذا العبد الصالح النجاشي أصمخة لما مات صلي عليه نبينا عليه الصلاة والسلام صلاة الغائب كما في الصحيحين.
وقد ثبت في سند أبي داوود في كتاب الجهاد، باب النور يري على قبر الشهيد، قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: [كنا نتحدث أنه لا يزال يري على قبر النجاشي نور بعد موته (وفي الحقيقة فإنه يستحق هذا الإكرام من ربنا الرحمن.
فأولا: اعتقد اعتقاد الحق.
وثانيا: بذل ما في إمكانه حسبما وسعه في ذلك الوقت فالرسول صلي الله عليه وسلم في ذلك الوقت في مكة ولا يمكن الهجرة إليه.
وثالثا: نصر هؤلاء المؤمنين، فقال بما في وسعه وهو إن شاء الله في عداد المؤمنين الموحدين، فهذا هو النجاشي العبد الصالح ولا مثيل له في عصرنا.
فتن لكن لا يوجد نجاشي، لئام فاضت الأرض بهم فيضا لكن لا يوجد ما يقابلهم من الكرام بحيث إذا ذهب الإنسان إليهم يجد النصر.