ثم ما اقتصر الأمر على أذى اللسان، بل أغروا به السفهاء وبدأوا يقذفونه بالحجارة حتى أدموا عقبيه عليه صلوات الله وسلامه ومعه مولاه زيد بن حارثة يقيه هذه الحجارة فتارة يكون أمامه وتارة وراءه وتارة عن يمينه وتارة عن شماله، والحجارة تأتيه من قبل السفهاء من كل جهة.
إذن فكان الأمر في منتهى الكرب والشدة، فلجأ بعد خروجه من الطائف إلى بستان عنب ولجأ إلى الله جل وعلا بالدعاء وقال الدعاء الذي رواه الطبراني وذكره الإمام محمد بن إسحاق في المغازي والطبراني رواه عن محمد بن إسحاق أيضاً وهو مدلس وقد عنن الحديث فهو من ناحية الإسناد في الظاهر فيه ضعف لكن المعنى حق وثابت، وهو حقيقة مع ضعف الإسناد فيه إلا أن الناظر فيه يرى عليه نور النبوة، قال: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلي بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك (.
فغار الله لنبينا عليه الصلاة والسلام وأرسل له ملك الجبال وقال: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – الجبلين – وأريحك منهم حتى كأنه لا يوجد شيء اسمه قريش على وجه الأرض، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا، أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله (فهذا هو الرؤوف الرحيم عليه صلوات الله وسلامه.
إذن اشتد عليه الأذى في العام العاشر للبعثة، وأخذ فترة طويلة والنبي عليه الصلاة والسلام يصبر والهجرة كانت في العام الثالث عشر للبعثة فهل يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما لاقاه من إيذاء وشدة بلا حادث جليل يرضيه ويأنسه؟ هذا مستبعد!!
لذلك فقد حصل له صلوات الله وسلامه عليه بعد عودته من الطائف أمرين وحادثتين: