وهناك عندما يمارس السحر ويفرق بين المرء وزوجه ويؤذي الإنسان ويكسب جسمه وهناً وضعفاً فهو بإذن الله، وقد سحر نبينا عليه الصلاة والسلام لكن لم يؤثر على عقله غاية ما كان إنه يصاب في بدنه بوهن وضعف واستمر به السحر أشهر عليه صلوات الله عليه وسلامه وزاد مفعوله فيه مدة أربعين يوماً وكان يشعر بتعب ثم أنزل الله عليه المعوذتين فقرأهما فقام وكأنما نشط من المقال عليه صلوات الله وسلامه والحديث في الصحيحين.
فالسحر إذن بواسطة تعلم أشياء معلومة، وهو كما لو تعلمت فن القتال فضربت إنساناً فآذيته لكن بشيء معلوم، والساحر يؤذي بشيء معلوم، لكن ذلك بشيء ظاهر وهذا بشيء معلوم خفي، فالإيذاء بالسحر لا يكون إلا عن طريق مدارسة ولا يوصل إليه إلا بأسباب معلومة يتلقاها الناس بخلاف خوارق العادات فهذه لا دخل فيها لكسب ظاهر، إنما هي محض تقدير الله جل وعلا ومشيئته وبالتالي ليس السحر من خوارق العادات.
كنا فيما سبق قد أشرنا إلى قصة الشيخ الصالح الحلبي إشارة وسنذكرها هنا:
لقيه ذات مرة قسيس ملعون فقال له: أنتم تزعمون أنكم أفضل منا، وموجود عندكم أ، جميع الناس سيرد النار ويدخلها (وإن منكم إلا واردها) فعلام أنتم أفضل منا إذن؟
وكان الشيخ يملك الجواب على هذا وهو أن يقول له هذه النار تحرقكم ولا تحرقنا فتكون برد وسلاما علينا وتكون حميما وعذابا عليكم، ولكن الشيخ علم أن هذا القسيس لن يقتنع بهذا الجواب ولن يستوعبه.