والقصة صحيحة وقد ألف الحافظ الحلبي جزءاً في طرقها وحكم عليها بالصحة، والإمام السخاوي في المقاصد الحسنة حكى عن شيخه الحافظ ابن حجر عليهم رحمة الله أن إسنادها في درجة الحسن وطرقها كثيرة وفيرة.

والشيخ محمد حامد الفقي عليه رحمة الله ومغفرته وهو الذي علق على كتاب مدارج السالكين ذكر كلاما ً منكراً حول هذه القصة في تعليقه على المدارج، فانتبهوا له واحذروه إلى مر معكم، يقول: إن عمر لا يعلم الغيب، ويقول له: يا عبد الله: لا يعلم الغيب إلا الله لكن إذا علَّم الله عمر هذا فأي حرج في هذا، أفلسنا نؤمن بالكرامات؟ أما قال الله عن مريم بأنها صديقة ولا يوجد في النساء نبية كما قال الله تعالى (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم) ، فالنبوة من جنس الذكورة فقط، كما أنه لا يصلح أن يكون في النساء إمامة – الإمامة – بحيث تكون أميرة وخليفة، فلا يجوز أن يكون في النساء نبية إذ كيف تبلغ دعوة الله وتتصل بالناس وهي مأمورة بالستر وأن تقر في بيتها؟ وهذا ليس من باب الامتهان لها إنه ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى فهذه الرتبة لا تتناسب مع طبيعتها فهي في مكان آخر وهذا واضح ولها أجر بعد ذلك عند الله إن كانت تقوم بما أوجب الله عليها فيما يتعلق بطبيعتها وفيما يتعلق بما هو عائد إليها فإذن لا تكون إمامة [لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة] ولا تكون نبية، فمريم صديقة بنص القرآن (وأمه صديقة) ، أفلم تثبت لها الكرامات؟ (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال: يا مريم أنى لك هذا قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) وانتبه: لم شك زكريا واستغرب وجود الرزق عندها؟ فهو يقول: يا مريم عندك رزق لا يمكن أن نقول إن أحداً من الخلق أحضره إليك لا عن طريق المعونة والمساعدة والإحسان ولا عن طريق الهبة، بل إن الرزق الذي يأتيك لا وجود له في هذه البلاد، ولو كان له وجود لقلنا جارتك ساعدتك، أو أحد أحسن إليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015