إذن خارق العادة ليس بخارق للعقل فلابد من التفريق بين خارق لعادة وخارق العقل، وخارق العقل هذا بين نقيضين، نفي نقيضين، جمع ضدين، فهذا لا يمكن أن يقع، ولذلك ما كانت معجزة نبي من الأنبياء أن يقول أجعلكم أحياء وأمواتا، موجودين ومعدومين؟ هذا مستحيل هذه سفسطة ولا يمكن أن تقع، ولكن معجزة نبي أنه يحيي الموتى، فهذا مستحيل أم ممكن؟ نقول: ممكن ميت يموت فيقول خذوا بقرة واذبحوها واضربوه ببعضها فيحيى بإذن الله (كذلك يحي الله الموتى) ، فإحياء الميت خارق للعادة التي جعلها لله تتحكم فينا نحن وفيما عدا الله.
فجعل الله سنناً في هذه الحياة لا يستطيع أحد أن يخرج عنها، فإذا شاء الله جل وعلا أن يبطل هذه السنن، أفليس بقادر على ذلك؟ بلى.
فنقول: إبطال لتلك السنة، إيقاف لمفعولها، خرق للعادة إلى غير ذلك من العبارات وليس هذا بمستحيل، بل إن هذا دليل على قدرة الله الجليل سبحانه وتعالى.
وخوارق العادات كما ذكرنا ستة أقسام:
القسم الأول: الإرهاص
مأخوذ من الرهْص، وهو أساس الشيء، يقال إرهاص، أساس البيت القواعد التي يبني عليها هذه يقال في اللغة رهْص.
وهو: خارق للعادة يقع على يد من سيكون نبيا قبل نبوته.
وسميت إرهاصاً لأنها بمثابة التأسيس لما سيليه، وهو المعجزة والإخبار بنبوته، فيكون هذا بمثابة لفت ربنا لأذهان الناس وأنظارهم بأن هذا المخلوق الذي جرى على يديه إرهاصات سيكون له شأن في المستقبل القريب فترقبوا ذلك.
مثاله: شق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام عندما كان عند حليمة، وسيأتينا هذا ضمن الآيات التي حصلت لنبينا عليه الصلاة والسلام عند الإسراء والمعراج في مبحث مستقل ونبين أن شق صدر النبي عليه الصلاة والسلام وقع أربع مرات.
مرة عند حليمة عندما كان عمره سنتان وثلاثة أشهر.
ومرة عندما كان عمره عشر سنين.
ومرة عندما كان في غار حراء وجاءه جبريل في أول نزوله عليه.
والمرة الرابعة في حادث الإسراء والمعراج.