فالذكاء هو تفتح في الذهن وإدراك لعواقب الأمور وسرعة استحضار وقوة حفظ، فهذا ذكاء، وهو مثل الثعلب، ولا يوجد منه في حيله واحتياله لكنه خبيث النفس نجسها، ولذلك قال أئمتنا في كثير ممن غضب الله عليهم كأبي العلاء المعري الذي هلك سنة 449هـ قال ابن كثير في ترجمته في البداية والنهاية في حوادث سنة 449هـ قال: "كان ذكياً ولم يكن زكياً".
والزكاء هو طهارة القلب وموافقة شرع الرب، فهذه هي الفضيلة، أما كون الإنسان عنده بلادة في الذهن وعنده تحجر لا يستطيع أن يحفظ ولا يستحضر فذهنه فيه شيء من الإغلاق بسبب شواغل وصوارف، فلس في هذا مذمة عند الله وليس عليه النقص، لكن إذا كانت نفسه خبيثة فهذا هو البلاء وخير الناس من اجتمع فيه الذكاء والزكاء، لكن إذا انعدم واحد منهما فإياك أن تعدم الزكاء، ولهذا مهمة الأنبياء تزكية الناس لا أن يكونا أذكياء فالذكاء بيد الله وقد يحصل للإنسان عليه وقد لا يحصل، والعقول تتفاوت (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم) من التزكية (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) .
المبحث الثاني:
حادث الإسراء والمعراج خارق للعادة، ولذا قلنا إنه ممكن ورد به السمع وخوارق العادات تنقسم إلى ستة أقسام:
1- الإرهاص ... 2- المعجزة ... 3- الكرامة
4- المعونة ... 5- الاستدراج ... 6- الإهانة
فهذه كلها يقال لها خوارق للعادات، لكن ماذا يقصد بخارق العادة؟ هو تخلف الملزوم عن لازمه، أو وجود الملزوم دون اللازم.
مثال: تخلف الملزوم عن لازمه:
النار من طبيعتها ولازمها الإحراق، فلو أججنا ناراً عظيمة وألقينا فيها إنساناً وما احترق، فهذا يكون خارقاً للعادة.
مثال وجود الملزوم دون اللازم: