سلمنا أن النار أفضل من الطين فهل يلزم مَنْ خُلِق من عنصر شريف أن يكون شريفا، وهل يلزم مَنْ خُلِقَ من عنصر خبيث أن يكون خبيثاً، أم كل نفس بما كسبت رهينة؟ إذا كانت النفس من باهلة والعرق والنسب من بني هاشم فماذا ينفع النسب؟ ألم يقل الله (تبت يدا أبي لهب) .

إذا افتخرت بآباء لهم نسب ... قلنا صدقت: ولكن بئس ما ولدوا

فهب أن النار أجود العناصر وأحسنها، فهل يلزم أن تكون أنت أفضل المخلوقات؟ لا يلزم، فانظر إلى هذه السفاهة، ولهذا أول الحمقى إبليس، وأول من مات من المخلوقات على وجه الإطلاق إبليس، وهو منظر إلى يوم الدين، لأن كل من عصى الله ذهبت منه الحياة الحقيقية (أفمن كان ميتاً فأحييناه) فهذا ميت لكنه في صورة حي.

وبالجهل قبل الموت موت لأهله ... **** ... وأبدانهم قبل القبور قبور

وأرواحهم في وحشة من جسومهم ... **** ... وليس حتى النشور نشور

ولذلك العقل الصريح هو الذي يلتزم بشرع الله الصحيح، قال تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب) ، قال أبو العالية وقتادة وغيرهم: أجمع أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام أن كل من عصى الله فهو جاهل، وأن كل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015