لما تحدث الله سبحانه وتعالى عن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء، أخبرنا عن عظيم ما حصل له وعن عظيم ما رآه، فقال جل وعلا: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة الناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً) ، ثبت في صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم] ، وهذه الرؤيا حقيقية هي فتنة وامتحان يظهر فيها المؤمن المصدق والكافر الجاحد عندما قال لهم نبينا عليه الصلاة والسلام أسري بي في جزء من الليل إلى بيت المقدس ثم عرج بي للسموات العلى ثم عدت إلى بيت المقدس، ثم عدت إلى مكة في جزء من الليل وفراشي دافئ فهذا فتنة أم لا؟ نعم هو فتنة، ولذلك سيأتينا أن تكذيب المشركين هذا دليل على أن الإسراء والمعراج بروح النبي صلى الله عليه وسلم وجسده في اليقظة لا في المنام، لأنه لو كان في المنام لقالوا له: أنت ذهبت إلى بيت المقدس، أما نحن فذهبنا في هذه الليلة إلى الصين فينبغي أن تكون نبوتنا نحن أعلى من نبوتك لأنك تذهب إلى بيت المقدس أما نحن فنذهب إلى أبعد، فالقول بأنه كان في المنام ليس فيه معجزة للرسول صلي الله عليه وسلم وأمر خارق للعادة قد حصل له، وهو – أي الأمر الخارق – أنهم يذهبون لبيت المقدس خمسة عشر يوماً ذهاباً وخمسة عشر يوماً إياباً ويقطعها هو في جزء من الليل يضاف إلى هذا أنه يعرج به إلى السموات العلى ويعاد في جزء من الليل.