يذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) في حوادث 718 هـ، وكان قد أدرك ذلك الأمر وهو في سن السابعة عشر تقريباً، فيخبر عن القحط الذي وقع في بلاد المشرق في الجزيرة بلغ عن ذلك القحط أنهم أكلوا الجيف ونبشوا القبور وأكلوا الموتى وأكلوا الكلاب، حتى أن الأم بدأت تأخذ ولدها وتبيعه من أجل أن يستعمله ويعطونها ثمناً خمسين درهماً، وبدأ الناس يذبحون أولادهم أيضاً ليأكلوهم ويذكر أبو شامة في كتابه (الذيل على الروضتين) أنه حدث في سنة 597 هـ ما لا يخطر ببال بشر، كان الناس يدعون الأطباء إلى بيوتهم بحجة العلاج فإذا دخلوا ذبحوهم وأكلوهم حتى أنهم أكلوا القطط والكلاب أيضاً ونبشوا القبور وأكلوا الموتى والجيف، حتى أن الأم كانت تمسك ولدها ليذبحه الوالد وأكلانه، وصلب السلطان كثيراً من الناس الذين فعلوا هذه الفعلة الشنيعة.
وهذه النعم التي الآن نأشر بها ونبطر، والله الذي لا إله إلا هو أتوقع زوالها أكثر من توقعي لمجيء الغد، وقدر الله إذا حلَّ ونزل ينزل كلمح البصر وليس له نذر تتقدمه (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس) ولا يوجد عصر تنطبق عليه هذه الآية كعصرنا، فنسأل الله لطفه ومعونته وستره إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
س: ما الفرق بين البلاء والابتلاء؟
جـ: إذا نزل البلاء بالإنسان واعتبر به وحسَّن حاله فهذا مكفر له، وإذا نزل البلاء بالإنسان ولم يكن هناك اعتبار منه ولا انزجار فهذه نقمة له.