.. والقول الثاني في الآية الكريمة يقرر القول الصحيح القويم في دخول أطفال المسلمين جنة رب العالمين والله – تعالى – أعلم.
... وأما دلالة السنة المشرفة على دخول أطفال المسلمين الجنة المباركة فمتعددة متنوعة سأقتصر على اثنين منها:
1- الدلالة الأولى ثبوت شفاعة الأولاد لآبائهم وأمهاتهم إذا ماتوا صغاراً:
... روى البخاري في كتاب الجنائز – باب ما قيل في أولاد المسلمين – عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحِنثَ إلا ادخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم".
... وورد في الصحيحين وغيرهما اعتبار ذلك الفضل لمن مات له اثنان من أولاده، ولفظ الحديث عند البخاري عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنهم أجمعين – أن النساء قلن للنبي – صلى الله عليه وسلم –: اجعل لنا يوماً فوعظهن، وقال: "أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار، فقالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان".
... وتلك الفضيلة يحصلها الرجال أيضاً كما تحصلها النساء، وقد وردت بذلك روايات متعددة وأحاديث كثيرة صحيحة، ومنها ما في المسند ومعجم الطبراني الكبير بسند رجاله ثقات عن أبي ثعلبة الأشجعي – رضي الله تعالى عنه – قال قلت مات لي يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولدان في الإسلام، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "من مات له ولدان في الإسلام أدخل الله – عز وجل – الجنة بفضل رحمته إياهما" قال: فلما كان بعد ذلك لقيني أبو هريرة – رضي الله تعالى عنهما – فقال لي: أنت الذي قال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الولدين ما قال؟ قلت: نعم، فقال: لئن قاله لي أحب إليه من مُلْكي حِمْص وفلسطين" أي: لو حصل لي ما حصل لك لكان أحب إلي من ملكي لحصن وفلسطين، وما يحويانه من متاع ثمين.