وقد بوب البخاري عليه رحمة الله في كتاب الطلاق باباً بهذا الخصوص فقال: باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة.

وزوجها هو مغيث، وحديثه ثابت في الكتب الستة، فقد كانت بريرة تحت مغيث وكانت أمة وهو عبد – على أرجح القولين – ثم اعتقت بريرة والتي أعتقتها أمنا عائشة رضي الله عنها – وعندنا في الشريعة أن الأَمَة إذا كانت تحت عبد ثم أعتقت وصارت حرة فهي مخيرة إن شاءت أن تفارقه وإن شاءت أن تبقى معه، وإذا كانت تحت حر فاختلف في ذلك والجمهور يقولون بالتخيير وأبو حنيفة يقول بالتخيير سواء كان الزوج حراً أو عبداً.

الحاصل أن مغيثاً كان عبداً فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: أنتِ بالخيار ما لم يمسسك – أي يقربك – فقالت لا أريده يا رسول الله، وقالت لأمنا حفصة رضي الله عنها: هو الطلاق هو الطلاق هو الطلاق.

فتشفع النبي صلى الله عليه وسلم لمغيث لأجل أن تعود له بريرة، فقد كان مغيث متعلقاً بها وكان قبل أن يحصل الطلاق بينهما يتبعها في سكك المدينة وهو يبكي وراءها والدموع تسيل على خديه وعلى لحيته ويسترضيها فتأبى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: [ألا تعجب يا عمِّ إلى حب مغيث لبريرة وإلى كراهية بريرة لمغيث، ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم، ارجعي إليه يا بريرة هو زوجك وأبو أولادك، فقالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: لا، إنما أنا شافع] أي ألتمس منك العودة إليه، [فقالت: لا أريده يا رسول الله، الطلاق الطلاق الطلاق] فطلقت منه وما اجتمعت به بعد ذلك.

فهذه شفاعة مستحبة وقد شفع خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه في هذا الأمر لكن عنصر النساء عجيب، ووالله لو كنت مكانها لو كان ثوراً أسود لقبلته من أجل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتطييباً لخاطره، وهل يقول النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وأردها؟ ! لكن هذا حال النساء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015