جـ: [كانت تسرح شعر ابنة فرعون وتمشطه فسقط المشط من يدها، فقالت باسم الله، فقالت هذه العاتية ابنة فرعون: أبي] أي باسم أبي الذي هو إله فالله يعني أبي، لأنه قال: أنا ربكم الأعلى، وكان رباً – كما يدعي – لأن الأنهار تجري من تحته، فتقول له يا منحوس، من الذي أجرى الأنهار من تحتك؟ فإنك تفتخر بملك غيرك، وتفتخر بنهر أجراه غيرك هل أنت الذي أجريتها وهل أنت الذي شققتها؟ إن هذه الأنهار التي تجري من تحتك عما قريب ستجري من فوقك وكل من ادعى دعوى قتله الله بدعواه.
يقول أئمتنا احذروا الدعوى، هي بلوى وإن صحت، فلا تقل أنا أحفظ وأنا أعلم كذا، فإنك حتى ما قلت (أنا) استوجبت الخزي بل الواجب أن تقول هذا بفضل الله وبرحمته ولذلك قال الله في الحديث القدسي: [فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه] ، (وما بكم من نعمة فمن الله) فهو الذي وفق.
ولذلك العاتي النمروذ عندما تكبر وتجبر وقال أنا أحيي وأميت، أماته الله بأضعف جنده ببعوضة فقط، فدخلت إلى دماغه من أنفه، وبدأت تدور في رأسه فكان يجمع حاشيته وأصحابه ويعطيهم الأحذية الكبيرة الثقيلة ويقول لهم أخفقوني على رأسي لأجل أن تموت هذه البعوضة، فكان وزراؤه يضربونه – وقد كانت البعوضة تخمد عندما يأتيها الضرب فتقف ولا تتحرك، فإذا توقفوا عن الضرب بدأت بالحركة والطيران داخل دماغه حتى قتل ضرباً بالأحذية، فأنت يا من تقول بأنك تحيي وتميت لم تستطع أن تميت بعوضة، فإذن كل من ادعى بدعوى قتله الله بدعواه.
قال هارون الرشيد لمحمد بن السماك – وكان من العلماء الواعظين الصالحين – إذا كان الله حكيماً وخلق كل شيء لحكمة فعلام خلق الذباب؟ فقال: ليذل به الملوك يا أمير المؤمنين، أي أنت يا أمير المؤمنين لا يدخل عليك أحد إلا باستئذان إلا الذباب فإنما يدخل من غير استئذان.