وجوب معرفة الله وتوحيده الحمد لله المتوحد بصفات العظمة والجلال، المتفرد بالكبرياء والكمال، المولي على خلقه النعم السابغة الجزال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الرسل في كل الخصال، اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه خير صحب وأشرف آل.
أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله واعبدوه فإن الله خلقكم لذلك قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] خلقهم ليعبدوه ويدينوا بعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه والتوجه في كل الأمور إليه، خلقهم ليعرفوا ويعترفوا أنه الرب الذي أوجد جميع المخلوقات، وأعدها وأمدها بكل ما تحتاج إليه من كل الجهات. وهي الفقيرة إليه بالذات وكل الصفات، خلقهم ليعرفوا ويعترفوا أنه الملك المالك لجميع الموجودات والعوالم والممالك، الذي له الحكم والحمد في الأولى والآخرة وإليه يرجعون، وإليه تنتهي الأقدار ومنه تبتدي، وإذا أراد شيئًا قال له كن فيكون. خلقهم ليعرفوا أحكامه الشرعية والقدرية والجزائية، ولها يخضعون فيعلموا أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم هو مولانا وعليه فليتوكل المؤمنون، فترضى بالله ربًا وسيدًا، ومدبرًا، وحاكمًا، وبمحمد نبيًا رسولًا ومبشرًا ومنذرًا، وبالإسلام دينًا وطريقًا ومسلكًا، خلقهم ليعرفوا ويعترفوا أنه الله الذي لا إله إلا هو فليس له شريك في ألوهيته كما ليس له شريك في ربوبيته