و"ق" من السور المكية التي انتظمت الأصول الإيمانية العقدية: كالإيمان بالله، والآيات الكونية الدالة على وجوده، ووحدانيته، والبعث، والاعتبار. بما وقع للأمم المكذبة المعاندة.
يقول ابن القيم - رحمه الله-: "وكذلك كانت خُطَبُه -صلى الله عليه وسلم-، إنما هي تقرير لأصول الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، فيملأ القلوب من خطبته إيمانًا وتوحيدًا، ومعرفة بالله وأيامه، لا كخطب غيره التي إنما تفيد أمورًا مشتركة بين الخلائق، وهي كالنوح على الحياة، والتخويف بالموت، فإن هذا أمر لا يحصل في القلب إيمانًا بالله، ولا توحيدًا له. . إلى أن قال: ومن تأمل خطب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخطب أصحابه وجدها كفيلة ببيان الدين والتوحيد، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه".
ولا شك أن في ذلك حكمة بالغة، فإن الاهتمام بالأصول والثوابت من شأنه أن يجمع الأمة على ما ينبغي أن تجتمع عليه من محبة الله وطاعته، والتآخي والتعاون، وأن يجعل المصلين يخرجون بفائدة علمية محققة.
إن الجمعة مأخوذة من الجمع والاجتماع، وهذا لا يكون أو لا يزيد إلا بالربط بالثوابت والأصول.