فموقف المسلمين قبل بدر كان موقف الاستضعاف والذلة، إذ لم تكن قلوبهم متوحدة قبل المعركة حول هدف واحد، ولم تكن عزائمهم مشحوذة لقتال العدو، وهو موقف الذلة لأن عدتهما للمعركة لم تكن عدة حرب، بل كانت عدة غارة على قافلة، فإذا هم يواجهون بحرب لا مفر منها مع عدو مستعد غاية الاستعداد.
وكان الموقف محرجًا حين صرفوا عن هدفهم الأحب إلى قلوب أكثرهم حين فاتتهم القافلة وواجهتهم العاصفة، كانوا يريدون غنيمة فإذا هم مطلوبون للبذل والتضحية.
وكان الموقف عصيبًا حين نظروا إلى العدو الذي فاقهم عددًا، حتى بلغ ثلاثة أضعاف عددهم، وقد توافرت للعدو المؤنة والسلاح، أي أن عناصر النصر من ناحية الحساب المادي كانت في جانب المشركين، على حين كان عكس ذلك في جانب المسلمين.
وكان الموقف يفرض على قائد المعركة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعالج نواحي الضعف في صفوفه، قبل أن ينشب القتال، وأول ثغرة واجهها كانت تحويل وجهتهم عن الغنيمة السهلة إلى خوض المعركة المقبلة، ولم يلق القائد في هذا التحويل صعوبة تذكر، فسرعان ما استجابت نفوس المهاجرين والأنصار للوضع الطارئ الجديد، حتى لقد بلغ الأمر قمة روعته في كلمة سعد بن معاذ سيد